كبسولة قانونية
في
عقد اتعاب المحاماة (1)
بقلم: ياسر الطيب الحاج _ المستشار القانوني والمحكم المعتمد
أخذ تكييف عقد اتعاب المحاماة حيز كبير من فقهاء القانون والقضاة وتباينت الآراء والاحكام القضائية في تكييفه، ولا شك في انه من الأمور المستحدثة التي لم تكن معروفة عند الفقهاء المتقدمين، وله أحكام وخصائص تختلف مع أحكام وخصائص العقود المذكورة في كتب الفقه المتقدمة، وتحتاج الى زمن حتى تجد حظها من التشريع الذي يراعي طبيعتها والتطور الذي صاحب انواع العقود المتعارف عليها فقهياً.
ونزولاً عند رغبة استاذي الفخيم (أبو احمد الشيخ) الذي طلب مني مشكورا مأجورا ان اخصص كبسولة عن (دعاوي المطالبة باتعاب المحاماة من الخصم المحكوم ضده) ويعز والله علي ان يطلب فلا اجيبه، اتناول في هذه الكبسولات مستعينا بالله راجياً توفيقه، الحديث عن طبيعة عمل المحامي وشروط ممارسة المهنة ومهامه وطبيعة عقد المحاماة وما ذكره الفقهاء والقضاة حول تكييفه من ناحية شرعية ونظامية وفي اخر كبسولة اتناول ما طلبه استاذي حتى تعم الفائدة، وكل ذلك بشكل مختصر لعلها تساهم في اثراء النقاش وتبادل الافكار، وفي البدء لابد ان نتعرف على المحامي من ناحية نظامية، حيث يسمى محاميا كل من مارس مهنة الترافع عن الغير أمام المحاكم وديوان المظالم، واللجان المشكلة بموجب الأنظمة والأوامر والقرارات لنظر القضايا الداخلة في اختصاصها، ويقدم الاستشارات الشرعية والنظامية، ويشترط فيمن يزاول مهنة المحاماة ، أن يكون اسمه مقيدا في جدول المحامين الممارسين ويتطلب القيد في جدول المحامين الممارسين (أن يكون سعودي الجنسية وغير السعودي لابد من وجود اتفاقية تقضي بذلك – أن يكون حاصلا على شهادة كلية الشريعة أو شهادة البكالوريوس تخصص أنظمة – أن تتوافر لديه خبرة في طبيعة العمل لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وسنة واحدة للحاصل على شهادة الماجستير ويعفى من هذه المدة الحاصل على شهادة الدكتوراه في مجال التخصص – أن يكون حسن السيرة والسلوك، وغير محجور عليه – ألا يكون قد حكم عليه بحد أو بعقوبة في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة – أن يكون مقيما في المملكة) ويحق لكل شخص الترافع عن نفسه، والمحاماة جائزة شرعاً بشرط ان يكون فيها إيصال الحق الى اهله لقوله تعالى: (ولا تكن للخائنين خصيما) ويدل مفهوم الآية على جواز الدخول في نيابة الخصومة لمن لم يعرف منه ظلم، والاشتغال بالمحاماة والقضاء لا خلاف عليه بين اهل العلم متى ما احق الحق وابطل الباطل ورد الحقوق الى اربابها ونصر المظلوم، لما فيه من التعاون على البر والتقوى..
اتعاب المحاماة فهي العوض الذي يتفق عليه بين الموكل والمحامي، ويحدد الاتفاق الأتعاب وطريقة دفعها ويشمل ذلك الاتفاق المكتوب والاتفاق الشفهي، ويستحق المحامي الاتعاب المتفق عليها كاملة في حالة انهاء العمل المحدد في عقد المحاماة او عزل الموكل للمحامي دون سبب مشروع أو إذا توصل الموكل مع خصمه لصلح دمن علم المحامي وموافقته، وليس للقضاء أي سلطة في تخفيض الاتعاب الزائدة عن المتعارف عليه، اما إذا لم يكن هناك اتفاق أو كان الاتفاق مختلفا فيه أو باطلا، تقدر المحكمة التي نظرت في القضية عند اختلافهما بناء على طلب احداهما بما يتناسب مع الجهد الذي بذله المحامي والنفع الذي عاد على الموكل، وقد ينشأ من الدعوى الأصلية دعوى او دعاوى فرعية فيطبق عليها ما يطبق على الدعوى الاصلية، والجدير بالذكر ان قانون المحاماة السوداني لا يعتبر العقد ملزما إلا اذا كان مكتوباً.
وتنحصر اعمال المحامي في الوقت الحاضر في (المرافعة والمدافعة امام القضاء واللجان شبه القضائية “الوكالة في الخصومة”، صياغة العقود والاتفاقيات وكتابة اللوائح والخطابات، تقديم المشورة الشرعية والقانونية، تحصيل الديون والتحكيم والتسوية والتوثيق وتصفية التركات والحراسة القضائية وأمانة الإفلاس والتدريب).