الشروط اللازمة لقيام حجية الأمر المقضي فيه
لقيام حجية الأمر المقضي فيه يلزم توافر شروط متعلقة بالحكم وأخرى متعلقة بالحق المدعى به، فالحكم لا بد أن يكون حكماً قضائياً قطعياً حاسماً، ومن ناحية الحق المدعى به يلزم وحدة الخصوم، الموضوع، والسبب؛ لذلك هذا المبحث سوف يقسم إلى مطلبين، مطلب أول يتعلق بالشروط المتعلقة بالحكم ومطلب ثان متعلق بالحق المدعى به.
الشروط المتعلقة بالحكم :
حجية الأمر المقضي فيه فقط تعطى للحكم القضائي القطعي والحاسم الصادر من جهة قضائية، وتكون فقط في منطوق الحكم دون أسبابه وعليه لا بد من معرفة الحكم القضائي الذي يمكن التمسك به.
وضع الفقهاء عدة تعريفات للحكم القضائي منها: أنه (فصل الخصوم وقطع المنازعات) ، ومنها: أنه (فصل الخصومة وحسم النزاع يقول أو فعل يصدر عن القاضي بطريق الإلزام)، يتبن من هذه التعريفات أن الحكم القضائي هو الطريق لإنهاء الخصومات بحكم شرعي بواسطة ممن له ولاية القضاء العامة.
الشروط المتعلقة بالحق المدعى به.
قبل البدء في تفصيل الشروط المتعلقة بالحق المدعى به لا بد أن نفرق بين حجية الأحكام وحجية الشيء المحكوم فيه عن التحدث عن نسبية الحكم، فهناك لغط شائع بين الاثنين، الحجية الأحكام تعني أن من صدر له حكم قضائي عندما يقوم بالمطالبة بترتيب آثار الحكم القانونية من وقائع أو مراكز أن يحتج بها على الكافة ، أما حجية الشيء المحكوم فيه تعني أن الحكم حجة يكون للمحكوم له ضد المحكوم عليه فقط، أنا ولا يجوز طعن في هذه الحجية إلا بالطرق المقررة نظاماً . وحتى يتم التمسك بالأخيرة – أي حجية الأمر المقضي فيه – لا بد من توافر شروط قصر نظام المرافعات الشرعية في تبيان شروط التمسك في هذه الحجية؛ لذلك وجب تحديد الشروط من خلال الأحكام القضائية وقوانين الإثبات في القوانين العربية لكي يتم تحديد الشروط الواجب توافرها بالحق المدعى به فيما يتعلق بالتمسك بهذه الحجية.
أولاً : وحدة الخصوم.
حتى يمكن التمسك بحجية الأمر المقضي فيه لا بد أن يكون هناك اتحاد في الخصوم، بمعنى أن يكون أطراف الدعوى السابقة – المدعي والمدعي عليه هم أنفسهم في الدعوى الجديدة، وبالتالي فإن اختلاف الأطراف يترتب عليه سقوط التمسك بحجية الشيء المحكوم فيه ولو كان في موضوع لا يقبل التجزئة، مع الأخذ بالاعتبار أنه يمكن الدفع بالحجية أمام من أدخل أو تداخل في الدعوى السابقة وفقاً لما نص عليه نظام المرافعات الشرعية في المادة التاسعة والسبعين والثمانين والحادية و الثمانين، وعليه لا يعد الحكم حجة على لم يكن قد أدخل أو تداخل في الدعوى، وقد أعطى نظام المرافعات الشرعية في المادة المائتين الحق لمن لم يكن طرفاً في الدعوى وأصبح الحكم حجة عليه أن يلتمس إعادة النظر في الأحكام النهائية.
ثانياً : اتحاد الموضوع.
يقصد بمحل الدعوى هو ذلك الشيء الذي يطلبه المدعي سواء كان ذلك متعلقاً بحق مادي أو معنوي أو مصلحة بجلب نفع أو دفع ضرر ، وعليه لا بد من اتحاد المحل محل الدعويين واحدة لكي يتم التمسك بحجية الأمر المقضي أي أن يكون موضوع الدعوى الثانية أو محل الحق فيها هو بعينه موضوع الدعوى المحكوم فيها ، لكن لا يعتبر الموضوع متحداً لمجرد تعلق النزاع في الدعويين بشيء واحد،بل العبرة بموضوع النزاع ذاته، فمثلاً الحكم الصادر برقض ملكية أرض لا يعني عدم المطالبة مستقبلاً يحق انتفاع على نفس الأرض. فالمقصود بوحدة المحل فعلياً أن يكون الموضوع الذي تناقش فيه الخصمان أمام المحكمة فصل فيه القاضي ذاته الذي رفع في الدعوى الجديدة.
ثالثاً : اتحاد السبب.
السبب هو الذي أدى إلى نشوء الحق أو الالتزام ويكون مصدرها الإرادة كالعقد أو العمل المادي كالفعل الغير مشروع ، أما المقصود فيه في مجال الدعوى، فهو الأساس الذي يستند إليه المدعي في دعواه أو الذي بني عليه الحق، وهي تتمثل في الواقعة القانونية التي ينبثق عنها موضوع الدعوى، مثلاً في دعوى حق الملكية، يكون لزاماً على المدعي أن يبين سبب استحقاق الدعوى، أو السبب الناقل للملكية وهذا السبب إما يكون مرجعه عقد بيع أو وصية …. إلخ”.
المرجع :
مبدأ حجية الأمر المقضى فيه ( دراسة تحليلية ) ، إعداد / د. سلطان فيحان أبا العلا العصيمي ، أستاذ القانون المدنى المساعد بكلية الحقوق – جامعة الملك عبد العزيز.
أطلب خدمة قانونية
تابع المدونة ستجد كل جديد في التشريعات و القوانين و التعاميم , والسوابق القضائية
تابعنا
نسعد بتواصلكم وخدمتكم