كبسولة قانونية

في

القانون الإداري (5)

بقلم: ياسر الطيب الحاج _ المستشار القانوني والمحكم المعتمد

سلسلة كبسولات خاصة بالقانون الإداري (5): العقود الإدارية (النظام السعودي):

ونتناول في هذه الكبسولة بالتفصيل أهم حقوق المتعاقد مع الجهة الإدارية والتي أوردناها في الكبسولة السابقة رقم (4) ونركز على: (1/ الحصول على المقابل المالي. 2/ والحق في إعادة التوازن المالي للعقد) وذلك لأهميتها العملية في نزاعات العقود الإدارية اثناء تنفيذ العقد.

أولا: الحصول على المقابل المالي: وهو الهدف من التعاقد اصلا فالربح هو الدافع الاساسي للمتعاقد.

وان الشروط التي تتعلق بالجانب المالي تحدد بدقة وقت التعاقد. والاصل العام ان لا يستطيع احد تعديلها الا بموافقة الطرف الاخر فهي تتسم بالاستقرار. وهذا ما قضى به ديوان المظالم بالحكم رقم 96/د/إ/2 لعام 1433هـ “سلطة تعديل العقد مقتصرة على ما يتصل بسير المرافق العامة بانتظام وإطراد ولا ترد على الحقوق المالية للمتعاقد ” وقد حدد النظام ولائحته طريقة دفع المقابل المالي.

ثانيا: الحق في إعادة التوازن المالي للعقد: كما أسلفنا فالإدارة تمتلك سلطات واسعة في مواجهة المتعاقد (المقاول) معها كتعديل بعض شروط تنفيذ العقد، أو بإصدارها لأوامر ملزمة للمقاول، فتتأثر بذلك التزامات المقاول بحيث تكون على حساب حقوقه الأساسية وأهمها الجانب المادي، فطالما ان التزاماته قابلة للتغير بالزيادة أو النقصان، فان حقوقه يجب أن تكون كذلك، بحيث يكون هنالك توازن بين الحقوق والالتزامات وهذا ما يعبر عنه بالتوازن المالي للعقد.

وهذا الحق لا يرتبط بوجود خطأ من جانب الادارة المتعاقد معها وانما هو تعويض دون خطأ، فقد تطرأ بعد ابرام العقد الإداري وفي اثناء تنفيذه ظروف غير متوقعة يكون من شأنها التأثير في اقتصاديات العقد على نحول يختل معه التوازن المالي له، مما يهدد إتمام العقود الإدارية على نحو صحيح ويهدد بالتالي سير المرافق العامة، فقد ابتدع القضاء الاداري نظريات ثلاثة أساسية لمواجهة الظروف غير المتوقعة التي يترتب عليها اختلال التوازن المالي في العقد الإداري وهي (نظرية عمل الامير – والظروف الطارئة – الصعوبات المادية غير المتوقعة).

ونتناول هذه النظريات بالتفصيل:

أولا: نظرية اعمال الامير:

وهي من اقدم النظريات التي ابتدعها القضاء الفرنسي في مجال العقود الادارية لتعويض المتعاقد مع الإدارة تعويضا كاملاً عن الاضرار التي أصابته من جراء إصدارها لبعض الاجراءات الادارية وفقا لشروط محددة.

ويقصد بعمل الامير الاجراءات والاعمال الصادرة عن جهة الادارة المتعاقدة والتي تؤدي الى زيادة اعباء المتعاقد عما هو محدد في العقد.

شروط تطبيق النظرية:

حددت احكام ديوان المظالم الشروط الواجب توافرها لأعمال نظرية عمل الامير:

1/ ان يكون المتعاقد ارتبط مع الجهة الادارية في عقد من العقود الادارية.

ان يصدر الفعل من سلطة ادارية.

3/لا ان لا يكون الفعل الضار خاطئا.

ان ينشأ عن ذلك الفعل ضرر يلحق المتعاقد.

5/ ان لا يكون صدور ذلك الفعل متوقعا قبل التعاقد.

وهذه الشروط هي ما استقر عليه القضاء الاداري والمصري.

الاثار المترتبة على تطبيق نظرية عمل الامير:

(التزام الادارة بتعويض المتعاقد تعويضا كاملا عن جميع الاضرار التي تلحقه من جراء الادراء الذي اتخذته بما يعيد التوازن المالي).

وقد اخذ المنظم السعودي بهذه النظرية في المادة (68) من نظام المنافسات والمشتريات الحكومية (لا يجوز تعديل اسعار العقود أو الاتفاقيات الاطارية بالزيادة أو النقص إلا في الحالات الاتية: 1/ تغير اسعار المواد أو الخدمات الرئيسة الداخلة في بنود المنافسة والتي تحددها اللائحة. 2/ تعديل التعرفة الجمركية او الرسوم او الضرائب……) وفصلت اللائحة ذلك وحددت الضوابط والشروط بان يستحق التعويض وفقا للمادة 68 ان كان التعديل بعد تقديم العرض مع مراعاة ما يلي:

1/ يثبت المتعاقد انه دفع التعرفة الجمركية او الرسوم نتيجة توريده مواد مخصصة لأعمال العقد.

2/ الا يكون التعديل المشار اليه في المادة 68 قد صدر بعد انتهاء المدة المحددة لتنفيذ العقد.

3/ ان لا يكون نتيجة تحمل المتعاقد لها نتيجة تأخره في التنفيذ، الا اذا ثبت ان التأخير كان بسبب خارج عن ارادته.

ثانيا: نظرية الظروف الطارئة:

واساس هذه النظرية ان تطرأ بعد ابرام العقد واثناء تنفيذه ظروف وحوادث عامة استثنائية غير متوقعة ولا يمكن دفعها ويكون من شأن هذه الظروف او الحوادث ان تجعل تنفيذ الالتزام مرهقا ومن شأنه ان يصيب المتعاقد بخسائر فادحة ولا تجعله مستحيلا وهو ما يترتب على القوة القاهرة كما نعلم.

شروط النظرية:

1/ ان تشكل الظروف الطارئة حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها ولا يمكن دفعها. استثنائية كالحروب والثورات، عامة غير الخاصة بالمتعاقد.

2/ ان تقع بعد ابرام العقد وقبل اتمام تنفيذه.

3/ ان تكون خارجة عن ارادة المتعاقدين.

4/ ان تؤدي الى اختلال في اقتصاديات العقد (خسارة جسيمة) غير مألوفة.

الاثار المترتبة على تطبيق نظرية الظروف الطارئة:

حال توافر شروط اعمال نظرية الظروف الطارئة استحق المتعاقد تعويضا تعويض جزئي فقط تشارك فيه الادارة وليس تعويضا كاملا حتى يتمكن من الاستمرار في تنفيذ العقد ويقدره القاضي حسب ظروف الحالة.

ثالثاً: نظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة:

كما ذكرنا ان الشروط المتعلقة بالمقابل المالي من الثوابت وتتسم بالاستقرار باعتبار ان التزامات كل طرف حددت عند التعاقد.

الا انه قد تطرأ اثناء تنفيذ العقد صعوبات مادية ذات طبيعة استثنائية خالصة لا يمكن توقعها عند ابرام العقد وتجعل تنفيذ العقد امرا مرهقا.

وفي هذه الحالة ولاعتبارات العدالة يتعين تعويض المقاول بزيادة مقابل الاعمال زيادة تغطي جميع الاعمال والتكاليف التي تحملها نتيجة حدوث هذه الصعوبات المادية.

شروط النظرية:

1/ ان يصادف المتعاقد اثناء تنفيذ العقد صعوبات مادية استثنائية وغير عادية.

2/ ان تكون هذه الصعوبات طارئة وغير متوقعة.

3/ ان يترتب على التنفيذ نفقات تجاوز الاسعار المتفق عليها في العقد وتزيد في اعباء المتعاقد مع الادارة زيادة كبيرة.

 

أطلب خدمة قانونية

تابع المدونة ستجد كل جديد في التشريعات و القوانين و التعاميم , والسوابق القضائية

تابعنا

نسعد بتواصلكم وخدمتكم

شارك المنشور تكرماً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تواصل معنا
💬 طلب خدمة!
مرحبًا
كيف يمكننا مساعدتك؟
هل ترغب في طلب خدمة ؟