أسباب انتهاء الشركة في الفقه الإسلامي
إن الشركات المعروفة في الفقه الإسلامي تعد من قبيل شركات الأشخاص لأنها تقوم على الاعتبار الشخصي بين الشركاء، وهذا يفسر أن أسباب القضاء الشركة في الفقه الإسلامي تتعلق بأشخاص الشركاء، وأهم هذه الأسباب ما يلي:
1 _ موت أحد الشركاء :
إن الشركة تنتهي بموت أحد الشركاء إذا كانت بين النين، ذلك أن الشركة مبنية على الوكالة، والوكالة تنتهي بالموت، أما إذا كانت الشركة بين أكثر من اثنين فيات أحد الشركاء فإن الشركة تنفسخ بحقه فقط، لأن الشركة تقوم على الوكالة، والوكالة بين باقي الشركاء صحيحة، نص على ذلك الحنفية، ولكن لورثة الشريك الميت الخيار بين القسمة وبين بقاء الشركة بعقد مستأنف عند الشافعية والحنبلية)، أما المالكية فلا يصح عندهم ذلك، لأن الشركة عندهم عقد غير موروث.
وقد اعتبر فقهاء الحنفية الردة موتاً حكمياً للمرتد إذا لحق بدار الحرب وحكم القاضي بذلك، وبهذه الحالة تأهل الردة حكم الموت وتنفسخ الشركة، أما إذا لم يحكم القاضي توقف فسخها، فإن عاد للإسلام قبل الحكم بقيت الشركة على حالها من الصحة.
2 _ جنون أحد الشركاء جنونا مطبقا :
لما كانت الشركة تقوم على الوكالة، والوكالة تبطل بجنون الموكل، فإن الشركة تبطل يجنون الشريك جنونا مطبقاء لأنه بالجنون يفقد أهلية التصرف، وأهلية التوكيل والتوكل.
3 _ الحجر على أحد الشركاء لسفه أو فلس :
إن أهم أثر من آثار الحجر للسفه أو الفلس منع المحجور عليه من التصرف بماله. ومن شروط صحة الوكالة أن يكون الموكل يملك فعل ما وكل به بنفسه، ويشترط في دوام الوكالة ما يشترط لابتدائها، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء الذين يقولون بالحجر للسفه، أما بالنسبة للمفلس فقد نص فقهاء الشافعية والحنبلية ” صراحة على انتهاء الشركة بإفلاس الشريك، ونص المالكية على انتهاء الوكالة وانعزال الوكيل بفلس الموكل، ويترتب على ذلك انتهاء الشركة بفلس الشريك لأنها مبنية على الوكالة. وقد نص فقهاء الحنفية ) أن حكم المحجور عليه حكم الصبي إلا في أربعة مواضع ليس منها: جواز التوكيل عند أبي يوسف ومحمد، وبناء على ما سبق يمكن القول إن الحجر على أحد الشركاء بسبب السفه أو الفلس يبطل الشركة بحق المحجور عليه دون باقي الشركاء عند الفقهاء باستثناء الإمام أن حنيفة، لأنه لا يرى جواز الحجر للفلس أو السفه.
4 _ الانسحاب من الشركة :
لما كانت الشركة من العقود الجائزة عند جمهور الفقهاء، أي من العقود غير اللازمة، فإنه يجوز لكل واحد من الشركاء الانسحاب من الشركة، ذلك أن الانسحاب معناه عزل الشريك نفسه عن التصرف بأموال الشركاء، وعزل باقي الشركاء عن التصرف بماله، والشريك يملك هذا العزل ، لأن الشركة تقوم على الوكالة، ولكن يجب على الشريك المنسحب إعلام باقي الشركاء بذلك، لأن علم الوكيل بالعزل شرط لعدم مضي تصرفاته بحق الموكل
غير أن المالكية في المشهور قد اعتبروا شركة الأموال من العقود اللازمة، وهذا يعني أنه ليس للشريك أن ينسحب من الشركة دون موافقة باقي الشركاء.
5 _ عزل الشريك :
لما كانت الشركة تقوم على الوكالة، ومن حق الموكل أن يعزل وكيله، فإنه يجوز للشركاء عزل بعضهم، فإذا اتفق الشركاء على عزل أحدهم فإن وكالة هذا الشريك عنهم تنتهي، ولا يجوز له التصرف بأموالهم بعد علمه بالعزل، ولكن الشركة تبقى قائمة بين باقي الشركاء، ومن حقهم التصرف بماله مالم يعزهم عن ذلك، ولهذا لا بد لانتهاء الشركة بعزل الشريك أن يعزل الشركاء أنفسهم عن التصرف بماله، ومن حق الوكيل عزل نفسه.
6 _ هلاك رأس مال الشركة :
إن رأس مال الشركة هو محل العقد فيها، ومحل العقد ركن من أركانها عند جمهور الفقهاء ، والشركة لا تقوم إلا بأركانها، فإذا فقدت الشركة رأس مالها فتكون قد فقدت ركناً من أركانها – وهو محل العقد – فلا تبقى الشركة قائمة. وقد اتفق الفقهاء الأربعة (7) أن رأسمال الشركة إذا هلك بعد خلطه والتصرف فيه بدون تعد أو تقصير فإنه يهلك على الشركة، وإذا هلك جميع رأس المال فإنها تنتهي وتبطل لزوال محلها، أما إذا هلك بعض رأس مالها فتبقى الشركة قائمة فيما بقي من رأسمالها.
أما هلاك رأس مال الشركة قبل الخلط والتصرف فإنه يهلك على صاحبه عند الفقهاء الذين اشترطوا لصحة عقد الشركة خلط المالين، أما الفقهاء الذين لم يشترطوا الخلط فقد اختلفوا في ذلك، فذهب الحنفية إلى أن هلاك رأس مال الشركاء أو أحدهم قبل التصرف فيه للشركة يهلك على صاحبه، وتبطل الشركة ؛ لأن هلاك رأس مال الشركة كله يبطل الشركة لزوال محلها، وهلاك مال أحد الشركاء قبل التصرف يبطل الشركة أيضاً؛ لأن الشريك الآخر ما رضي بشركة له في ماله إلا بشركته في مال الشريك الذي ملك ماله وذهب المالكية إلى أن هلاك أحد المالين قبل الخلط الحي أو الحكمي بهلك على صاحبه إن كان فيه حق توفيه، وإن لم يكن فيه حق توفيه فضمانه على الشركة، وبناء على ذلك تبطل الشركة عند المالكية بهلاك رأس المال إن لم يكن فيه حق توفيه، أما الحنبلية فيذهبون إلى أن هلاك رأس مال الشركة قبل الخلط أو بعضه يهلك على الشركة، وبناء على ذلك فإن الشركة تبطل بهلاك جميع رأس المال ولو كان ذلك قبل الخلط أو التصرف
المرجع : إفلاس الشركات في الفقه الإسلامي والقانون، دراسة مقارنة، الدكتور زياد صبحي ذياب.
أطلب خدمة قانونية
تابع المدونة ستجد كل جديد في التشريعات و القوانين و التعاميم , والسوابق القضائية
تابعنا
نسعد بتواصلكم وخدمتكم