
الإجراءات التأديبية والانضباطية في قانون محاسبة العاملين بالخدمة المدنية في السودان
محمد عثمان محمد
المستشار القانوني – وزارة العدل
mohamed15387344@gmail.com
تُعد الإجراءات التأديبية والانضباطية من أهم الأدوات القانونية التي تستعين بها الإدارة العامة في السودان لضبط الأداء المهني وضمان احترام قواعد السلوك الوظيفي. وقد نظم قانون محاسبة العاملين بالخدمة العامة لسنة 2007 هذه الإجراءات بشكل يوازن بين حماية المرفق العام وضمان حقوق العاملين.
أولاً: طبيعة المخالفات التأديبية
يُعتبر العامل مخالفًا تأديبيًا متى ما ارتكب فعلاً يشكل إخلالاً بواجبات الوظيفة أو مساسًا بها سواء أكان ذلك عن قصد أو تقصير ومن صور المخالفات التي نص عليها القانون: الإهمال تجاوز السلطة مخالفة القوانين واللوائح إفشاء الأسرار الوظيفية أو إساءة استعمال الصلاحيات.
ثانياً: الجهات المختصة بالمحاسبة
تتوزع سلطة المحاسبة على عدة مستويات:
الرئيس المباشر أو مدير الإدارة الذي يملك توقيع الجزاءات البسيطة مثل التنبيه والإنذار.
لجنة المحاسبة التي تشكل للنظر في المخالفات المتوسطة.
مجلس المحاسبة في حالة المخالفات الجسيمة التي قد تفضي إلى الفصل أو النقل التأديبي.
ويشترط في جميع هذه الجهات أن تُحترم فيها ضمانات العدالة والنزاهة والحياد.
ثالثاً: ضمانات العامل المحال للمحاسبة
كفل القانون للعامل المحال للتحقيق عددًا من الضمانات الجوهرية أبرزها:
إخطاره كتابةً بالمخالفة المنسوبة إليه.
منحه فرصة كاملة للرد والدفاع عن نفسه.
حضور ممثل نقابي في حالة رغبته بذلك.
الحق في التظلم أو الاستئناف من القرار الصادر ضده خلال المدة القانونية.
هذه الضمانات تهدف إلى تعزيز مبدأ العدالة الإدارية وضمان عدم تعسف الإدارة في استخدام سلطتها التأديبية.
رابعاً: الجزاءات التأديبية
حدد القانون طيفًا واسعًا من الجزاءات التأديبية بحسب جسامة المخالفة
وتشمل:
1- التنبيه
2- الإنذار
3- الخصم من المرتب
4- الحرمان من العلاوة
5- الإيقاف المؤقت عن العمل
6- النقل التأديبي
7- الفصل من الخدمة.
ويُراعى في توقيع الجزاء تناسبه مع المخالفة المرتكبة.
خامساً: التظلم من القرارات التأديبية
أجاز القانون للعامل المتضرر من أي قرار تأديبي أن يتظلم إلى الجهة الإدارية الأعلى خلال (15) يومًا من تاريخ علمه بالقرار وله بعد ذلك أن يستأنف القرار لدى مفوضية الخدمة المدنية القومية أو الجهة المختصة خلال (30) يومًا مما يعزز مبدأ الرقابة الإدارية على القرارات التأديبية.
سادساً: العلاقة بين المحاسبة التأديبية والجنائية
لا يُعد توقيع جزاء تأديبي مانعًا من تحريك الدعوى الجنائية متى ما شكّلت الواقعة جريمة بموجب القانون الجنائي كما أن الإدارة قد توقف إجراءات المحاسبة لحين الفصل الجنائي متى كان لذلك مقتضى.
سابعاً: مراعاة التدرج في العقوبة
من المبادئ الراسخة أن العقوبة التأديبية يجب أن تراعي التدرج وأن يكون الهدف منها تقويم السلوك لا الانتقام أو التشفي وهو ما شدد عليه قانون المحاسبة السوداني وقرارات المحاكم الإدارية.
خاتمة:
إن التمسك بالإجراءات التأديبية والانضباطية لا يهدف إلى التضييق على العاملين بقدر ما يهدف إلى رفع مستوى الأداء وضمان احترام القوانين مع كفالة حقوق العاملين في الدفاع والإنصاف مما يُشكل ركيزة أساسية في إصلاح الخدمة المدنية في السودان.
مع التقدير
محمد عثمان محمد
المستشار القانوني – وزارة العدل